«الذل».. قصّة قصيرة للكاتب الدكتور العشماوي عبدالكريم

«الذل» قصّة قصيرة للكاتب الدكتور العشماوي عبدالكريم
«الذل» قصّة قصيرة للكاتب الدكتور العشماوي عبدالكريم

من بين آلام المخاض وصرخات الآمال التي تأثرت بآلامها كثيرا من الحيونات المتنوعة التي اعتادت أن تراها قوية ووسط ارتعاد شديد لا إرادي من الأم العجوز التي عاصرت أشد من ذلك تدل عليها تجاعيد تغطي التجاعيد الشبابية بجسدها النحيل العاري إلا من شعر قليل يغطي بعضا من جسدها التي لا تملك سواه.

 ووسط أكوام الظلام الذي كسي الجميع إلا من تلك البقعة من الغابة الاستوائية وسط نيران من جذوع الشجر المتساقط من بين أحضان أمه التي ترويه في حرارة لا ترحم، كانت أمه تغذيه غذاء أمومة روحي ليعيش ليسقط ميتا وسط برك تجف وتغرق أحيانا بالمياه، أصبح الآن أحد العيدان المتراصة مشتعلا ليضيء للجميع ويشاهد معهم رؤيا مولود جديد يخرج بين متغيرات من ألم وخوف وترقب،

كانت نظرات الأم العجوز أو كما يسمونها القردة حاني - بلغة سواحيلية ارتبطت بها اللغة العربية بلهجات محلية وتعني الحنان - وفي لحظة فارقة محددة الميعاد عند الخالق جل جلاله كان مولد سيتو المنحدر من أصول عربية، رحلت من شبه الجزيرة لعمق القارة الأفريقية علي السواحل الغربية من القارة وكان نتاج تزاوج أب عربي وأم افريقية فامتزجت الماء، وولد سيتو في بيئة رحيمة غير مادية لا تعرف من متع الحياة سوي العمل اليسير في رعي القليل من الماشية ليعيشوا بها تساعدهم في زراعتهم البدائية الجميلة التي لا يرغبون من وراءها سوي الحياة ليس إلا.

كانوا في زمن غير الزمن الذي يعيش فيه صائدي البشر ليتاجر الآدمي بأخيه بلا رحمة ينصب له الشراك كما ينصبها للحيوانات البرية التي هي ارحم منه، تربي سيتو بين أحضان الحيوانات وارتبط بها مثلما ارتبطت هي به ، كانت الشمس الحارقة تزيده قوة في مساعدة الأم رونا والأب سليم، كان يأخذ ماشيته وهو في سن السابعة عشر فخورا بنفسه ووطنه الذي لا يعرف له حدود، كان يجهز لعرس بري طالما حلمت به امه رونا أن تزوجه من ابنة خالته ديري كان خياله يحفظ الأشجار والمسالك التي يمر بها في ذهابه خلف ماشيته يغني معاني يفهمها هو علي الحان الأمطار المتساقطة من الأوراق علي بعضها البعض فإذا بأناس غرباء بيض الوجوه مسلحون بالبارود سلاح لم يره من قبل أسرع من حربته التي طالما رآها اشد الأسلحة فتكا واستطاعوا اصطياده ووضعه في قفص بين آخرين لونتهم الشمس بلون واحد ليقتادوهم إلي حيث البلاد الجديدة عبيدا بلا ذنب ليعمل في مهن ذليلة بلا مقابل سوي الذل والمهانة.